الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)
.باب الضَّمانِ وما يَتعَّلقُ به: من غرم وعدمه وسقوطه بفساد أصله ويعبر عنه بالحمالة أيضاً. ابن عرفة: الحمالة التزام دين لا يسقطه أو طلب من هو عليه هو له فقوله: لا يسقطه في محل رفع صفة لالتزام لا لدين أي التزام لا يسقط لدين عمن هو عليه، وخرج به الالتزام المسقط للدين كمن تحمل عن ابنه ونحوه بصداق امرأته، وكمن التزم أداء دين عن آخر على أن يبرئه الطالب ولا يرجع هو عليه ورضي بذلك وهي الحوالة على غير أصل دين التي أشار إليها (خ) بقوله: فإن أعلمه بعدمه وشرط البراءة صح إلخ. وكذا تخرج الحوالة على أصل الدين على القول باشتراط رضا المحال عليه أو بعدم اشتراطه ولكنه رضي لأنها التزام أداء دين يسقطه عن المحيل إما أن لم يرض على القول بأن رضاه لا يشترط فلم تدخل معنا إذ الالتزام لأداء الدين حينئذ. وقوله: أو طلب بالجر عطف على دين أي التزام دين أو التزام طلب ويدخل فيه ضمان الوجه وضمان الطلب وتقول في وثيقته ضمن فلان لفلان عن فلان جميع الدين الواجب عليه من وجه كذا وقدره كذا بعد معرفة الضامن بوجوب العدة للمضمون له على المضمون عنه بالوجه المذكور ضماناً لازماً لماله وذمته لانقضاء أجل كذا أو على الحلول بإذن المضمون عنه ورضاه وبموافقة المضمون له شهد عليهم بما فيه عنهم وهم بأتمه وعرفهم إلخ. فإن سقط من الرسم المضمون له صح لأنه يجوز ضمان ما على ميت وغائب ونحوه، ويلزم الضامن ضمان ما عليه من الديون وإن لم يعلم بأربابها وقولنا: جميع الدين إلخ. يدخل فيه عمل المساقاة لأنه في الذمة كالدين وثمن الجعل لأنه يلزم الجاعل بالشروع ويخرج به المعينات، فلا يجوز بخلاص سلعة بعينها إن استحقت على نحو ما يأتي في قوله: ويسقط الضمان في فساد إلخ. حرفاً بحرف ولا في الحدود والعقوبات ولا في عارية ووديعة ولا قراض وشركة على أنها إن تلفت أتى بها بعينها فإن ضمن ما يترتب على العارية ونحوها بسبب تعد أو تفريط من القيمة صح ولزم، وهو الذي يقصده الناس كضمان بعض الدلالين لبعض على أنه إذا هرب ولم يأت به كان عليه قيمة ما هرب به، وكدابة اعترف بها مستحقها فأراد وقفها لشبهة أتى بها فترك وقفها إلى إثباتها بضامن لأن المعنى ضمان ما يخشى ممن هي بيده من تغييبها أو هروبه بها قاله ابن رشد، وأما ضامن الضرر الذي تأخذه الزوجة من زوجها فهو من ضمان الوجه وهو جائز في الحدود والعقوبات كما يأتي، وانظر (ق) فقد ذكر نظائر لا تصح بها الحمالة، ولا تجوز أيضاً في كتابة لأنها ليست بدين لازم وإن سقط من الرسم من وجه كذا أي بيع أو سلف ونحو ذلك لم يضر سقوطه لأنهما إن اختلفا في الوجه الذي ترتب به الدين فالقول للطالب وإن سقط منه مبلغ القدر ومعرفة الضامن به لم يضر أيضاً لجواز ضمان المجهول كما يأتي لأن العبرة بما يثبته عليه، وكذا إن سقط منه لماله وذمته الخ لأنه يحمل على المال كما يأتي في قوله: وهو بمال حيث لم يعين إلخ. وكذا إن سقط منه رضا المضمون عنه إن كان على أصل الدين ببينة كما يأتي في قوله: ولا اعتبار برضا من ضمنا إلخ. وإن لم يوافق المضمون له على الضمان ولم يقبله ضامناً لم يؤاخذ الضامن بشيء، وإن كان ضمان وجه أو طلب. قلت: بدل قولنا جميع الدين إلخ. وجه فلان أو طلبه ليحضره إياه في وقت كذا بموضع كذا فإن عجز عن إحضاره ففي الطلب لا شيء عليه، وفي الوجه سيأتي في قوله: وإن ضمان الوجه جاء مجملاً إلخ.(وسمي الضامن) نائب (بالحميل) يتعلق بسمي (كذاك) سمي (بالزعيم والكفيل) وليس مراده بيان ما يسمى به الضامن كما هو ظاهره، وإنما مراده بيان صيغ الضمان التي ينعقد بها وتدل عليه فإذا قال: أنا زعيم أو حميل أو ضامن أو قبيل أو غريم بغين معجمة فمهملتين بينهما مثناة تحتية أو صبير أو مدين أو أذين فذاك كله ضمان. عياض: هذه الألفاظ كلها بمعنى واحد واشتقاق ذلك كله من الحفظ والحياطة فكان الكافل حافظ وحائط لما ولي من الأمور ولما التزمه من مال ونحوه. زاد في المدونة لو قال: هو لك عندي أو علي أو إلي أو قبلي فذلك كله حمالة إن أراد الوجه لزمه، وإن أراد المال لزمه. اهـ. وما ذكره من أنه يرجع لقصده في جميع تلك الألفاظ هو مذهب الأكثر كما في معتمد الناجب بناء على أن الأصل عدم الضمان فلا يوجد إلا بتفسيره وعلى هذا اقتصر اللخمي والمتيطي، وصدر به في الجواهر. ابن رحال: وهو التحقيق وصوب عبد الحق وتبعه ابن رشد وابن يونس أنه لا يصدق في إرادة الوجه إلا بدليل من لفظ أو قرينة وإلاَّ فهو محمول على المال لأنه المتبادر عند سماع هذه الألفاظ، ولقوله عليه السلام: (الزعيم غارم) وعليه عوّل (خ) حيث قال: وحمل في مطلق: أنا حميل أو زعيم أو قبيل وشبهه على المال على الأرجح. اهـ. فمراده بالمطلق ما عري عن التقييد بالمال والوجه بلفظ ولا قرينة كما في ابن عرفة، وأما إن قلنا مراده بالمطلق ما عري عن التقييد والنية لكان كلامه موافقاً لما مر عن المدونة، وأنه إنما يحمل على المال إذا لم ينوِ شيئاً وفهم من النظم ومما مرّ أن قوله هو ثقة ليس بضمان وأفتى أبو شاكر حسبما في البرزلي عن ابن الحاج في الرجل يقف بسوق الدواب والبقر يقول في رجل عاملوه هو ثقة أن ذلك كالضمان يلزم الغرم، وأفتى غيره بأنه يحلف ما أراد بذلك ضماناً وبرءاً، ونحوه في ابن سلمون. البرزلي: حكى ابن رشد في شرحه قولين في قوله ثقة هل يضمن أو لا بناء على أن الغرور بالقول هل يلزم به الضمان أو لا، وهو المشهور، وأما إن قال: أنا ضامن لما أفسد فلان أو أضرّ به الناس أو سرقه أو هرب به في السوق ونحوه فإن الضمان لازم له في جميع ما أفسده إذا ثبت ذلك بواجب الثبت كما في ابن الحاج أو نحوه في الشامل عن أصبغ، وهذا من الحمالة المترقبة كقوله: أنا حميل بما يثبت على فلان أو بما يوجبه الحكم عليه فهي حمالة بكل ما ثبت وبكل ما أوجبه الحكم كما لعياض ابن عرفة: وجهل قدر المتحمل به غير مانع اتفاقاً. اهـ. وظاهر هذا ولو تبينت مخالفته لظنه بكثير، وانظره مع قول اللخمي عن ابن القاسم في العتبية أن هبة المجهول يفرق بين مخالفتها للظن بكثير فلا تجوز، وإلا جازت. ومنه إن قال داين فلاناً وأنا حميل بما داينته به لكن إنما يلزمه فيما يشبه أن يعامل به على المعتمد، وذهب الشافعي والثوري والليث إلى عدم جوازها بالمجهول وهو أظهر لأنه بصدد الأداء ولا يدري قدر ما يسلفه ويؤديه والسلف أخو البيع. (وهو) مبتدأ (من المعروف) خبر (فالمنع) مفعول بقوله: (اقتضى) وفاعل اقتضى ضمير يعود على كونه من المعروف (من أخذه) يتعلق بالمنع (أجراً) مفعول بأخذ (به أو عوضاً) معطوف عليه أي لكون الضمان من المعروف امتنع أن يأخذ الضامن عليه أجراً أو جعلاً وظاهره من رب الدين أو المدين أو غيرهما وهو كذلك، فإذا وقع الضمان بجعل يأخذه الضامن من الطالب أو من المطلوب بعلم الطالب سقطت الحمالة فيهما، والبيع صحيح لازم في الصورة الأولى لأن المشتري لا علم له بما فعله الطالب مع الحميل، وأما الثانية فالبائغ مخير في أن يمضي بيعه بغير حميل أو يرده، والجعل مردود على كل حال، وأما إن أخذه من المطلوب بغير علم الطالب فالجعل ساقط والحمالة لازمة لأنه غره حتى أخرج سلعته من يده، وكذا يرد الجعل لو كان من أجنبي للضامن سواء علم رب الدين بذلك أم لا. والحمالة لازمة مع عدم العلم فقط، وكذا لو التزم العهدة عن البائع للمشتري بجعل يأخذه من المشتري أو من البائع فعلم المشتري فالجعل مردود، والالتزام ساقط فترجع العهدة على البائع، فإن كان الجعل بغير علم المشتري فالجعل غير لازم والالتزام لازم قاله في البيان فقول الناظم: من أخذه مصدر مضاف للفاعل الذي هو الضامن، ومفهومه أن الجعل إذا لم يكن للضامن بل لرب المدين ليأتي بضامن أو للمدين ليأتي به أيضاً لم يمتنع وهو كذلك في الأول مطلقاً، وفي الثاني إن حل الأجل كما أشار له الناظم في البيت بعده.تنبيهان:الأول: هذا أحد الثلاث التي لا تكون إلا لله المجموعة في قول القائل: ونقل في المعيار عن القوري أن العلماء اختلفوا في ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق ومن قائل بالكراهة بإطلاق ومن مفصل وأنه إذا كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ أجرة مثله فذلك جائز وإلاّ حرم. اهـ. ابن رحال: هذا التفصيل هو الحق وإنما يحرم ثمن الجاه إذا كان ينتفع غيره بجاهه من غير حركة ولا مشي فقول (خ) عاطفاً على الممنوع وذي الجاه إلخ. مقيد بهذا أي من حيث جاهه فقط.الثاني: أفهم قوله من المعروف إلخ. أن دعوى الضمان المجردة لا تتوجه فيها اليمين على المنكر قال في معاوضات المعيار عن العقباني: الأصح والمشهور أن دعوى الضمان لا تتوجه فيها اليمين على المنكر لأن ذلك من دعوى المعروف والتبرع كدعوى الصدقة اه ونحوه لابن فرحون في فصل الدعاوى التي لا توجب اليمين. وقال البرزلي: إن الخلاف فيها يجري على الخلاف في دعوى الإقالة وتقدم التنبيه عليه عند قوله: وفي الإقالة ابن عتاب يرى إلخ. وذكر البرزلي أيضاً أواخر الشهادات ما نصه: إذا ادعى أنه ضمن له ذهباً عن غريم فأنكر توجهت عليه اليمين فإن نكل حلف المدعي واستحق قال: وكأني أذكر في حاشيته أنه لا تترتب عليه يمين إلا بعد ثبوت أصل الحق وفي موضع آخر إن ادعى أنه تحمل له بذلك في أصل العقد جرت على دعوى المعروف. اهـ. (والحكم) مبتدأ (ذا) خبره والإشارة للمنع (حيث) ظرف يتعلق بالحكم (اشتراط) مبتدأ (من) موصول مضاف إليه المصدر من إضافته لفاعله (ضمن) بفتح الضاد وكسر الميم فاعله ضمير يعود على من هو الرابط بين الصلة والموصول (حطّاً) بالطاء المهملة مفعول باشتراط (من المضمون) يتعلق به، وكذا (عمن قد ضمن) بالبناء للمفعول وقد للتحقيق، والجملة صلة الموصول المجرور بمن وخبر المبتدأ الذي هو اشتراط محذوف أي كائن ونحوه، والجملة في محل جر بإضافة حيث وجواب الشرط الناصب له محذوف أيضاً لدلالة ما قبله عليه، ومعناه أن الضامن إذا قال لرب الدين قبل الأجل حط من دينك عشرة عن المدين وأنا ضامن لك بالباقي فإنه يمنع على قول ابن القاسم لأن التوثق بالضامن في معنى التعجيل ففيه ضع وتعجل، وكذا لو أعطاه رهناً قبل الأجل على أن يحط عنه بعض الدين لأن العلة جارية أيضاً، فقد أخل الناظم بقيد كون ذلك قبل الأجل إذ لو كان بعده لجاز على المعتمد لأنه كابتداء سلف بحميل أو رهن خلافاً لمالك في العتبية وإطلاق الناظم يقتضي أنه درج عليه فلو قال: لكان أسهل معنى وأقرب تناولاً وأنه لا مفهوم لقوله حطّاً بل كذلك لو أعطاه رب الدَّين أو أجنبي ديناراً مثلاً ليأتي بضامن قبل الأجل للعلة السابقة لأن ما أخذه في معنى الإسقاط لمقابله من الدين مع تعجيل حقه بتوثقه فإن كان الجعل لملاطف المدين في هذه أو لملاطف الضامن في الأولى فيجوز إلا أن تقوم قرينة على أن الضامن إنما ضمن لأجل ما أخذه ملاطفة أو المدين إنما أتى بضامن لذلك أيضاً فيمتنع حينئذ قاله (ز) والذي للخمي أن الحميل لو قال: أنا أتحمل لك على أن تعطي لفلان غير الغريم ديناراً لم يجز، ووجهه أنه لما أخذه فلان بسببه فكأنه هو الذي أخذه فيكون ضماناً بجعل. اهـ. فلم يقيد بملاطف ولا بغيره. (وباشتراك) يتعلق بقوله تضامن وباؤه بمعنى مع (واستواء) معطوف على ما قبله (في العدد) يتعلق بما قبله يليه (تضامن) مبتدأ مصدر تضامن (خفف) بالبناء للمفعول (فيه) نائبه والجملة خبر المبتدأ (أن) بفتح الهمزة مجرورة بلام الجر محذوفاً (ورد) صلة أن، والمعنى أن ضمان شخص على أن يضمنه الآخر الآن أو متى احتاج ونحو ذلك ممنوع لأنه من ضمان بجعل فهو داخل تحت قوله فيما مر أو عوضاً، لكن استثني من ذلك صورة واحدة وهي أن يشتري اثنان مثلاً سلعة معينة على الشركة بينهما وتساويا فيها ويضمن كل منهما الآخر فيما عليه من ثمنها أو يبيعا سلعة مشتركة بينهما ويضمن كل منهما الآخر فيما يلحقه من درك العيب والاستحقاق أو يسلما في سلعة بينهما ويتضامنا فيها أو اقترضا شيئاً وتساويا فيه، فإنه خفف التضامن في ذلك كله في الأولى اتفاقاً وفيما بعدها على الأصح كما في الشامل لورود ذلك عن السلف ومفهوم اشتراك واستواء أنه لو اشترى أو باع كل واحد منهما وحده أو اشتركا على التفاوت كالثلث والثلثين لم يجز إلا أن يضمن صاحب الثلث للآخر الثلث فقط وإلى هذين والتي قبلها أشار (خ) بقوله: وفسدت بكجعل وإن من عند ربه لمدينه وإن بضمان مضمونه إلا في اشتراك شيء بينهما أو بيعه كقرضهما على الأصح فقوله: بكجعل أي وصل للضامن مطلقاً، وقوله: وإن من عند ربه يعني أو من أجنبي وصل للمدين لكن قبل الأجل كما مرّ في البيت قبله.ولما تكلم على ما ينعقد به الضمان وأنه لا يصح بجعل شرع في الكلام على من يصح منه لأن الضامن متبرع بما يضمنه، والتبرع إنما يصح ممن لا حجر عليه فقال: (وصح) فاعله ضمير يعود على الضمان (من أهل التبرعات) يتعلق به فيدخل المكلف الذي لا حجر عليه بحال ولو أخرس ويخرج الصبي والمجنون والسفيه فلا يصح ضمانهم وإن أجازه الولي، ويخرج أيضاً الذي أحاط الدين بماله إن لم يجزه الغرماء ويخرج المكاتب والمأذون له إن لم يجزه السيد أيضاً، وأحرى غيرهما من مدبر ومبعض وأم ولد، فالمراد بالصحة في كلامه اللزوم ومفهومها فيه تفصيل تارة يكون غير صحيح وغير لازم وتارة يكون صحيحاً، ولكن يتوقف على إجازة الغير كما ترى (وثلث) بالجر مع سكون اللام عطف على أهل (من يمنع) بالبناء للمفعول صلة من (كالزوجات) خبر لمحذوف مثال لمن يمنع كالزوجات أي وصح الضمان ولزم من أهل التبرعات بكل المال وثلث من يمنع من التبرع بكله كالزوجة والمريض، ولك أن تجعل ثلث معطوفاً على مقدر قبل قوله: من أهل إلخ. أي وصح الضمان ولزم في كل المال ممن له التبرع بكله وفي ثلث من يمنع من التبرع بكله كالزوجة، ومفهوم ثلث أن الزوجة والمريض لا يلزمهما الضمان في الزائد عليه، وإن كان صحيحاً ويتوقف على رضا الزوج والورثة وللزوج حينئذ رد الجميع ولو ضمنته هو لا الزائد فقط بخلاف الوارث فإنما له إن مات المريض رد الزائد فقط ولو ضمنه هو وظاهره أنه لا يرد الثلث ولو قصد به الضرر وهو كذلك. وظاهره أيضاً أن الزوجة لا تصدق أنه أكرهها على الكفالة عنه أو لغيره وهو كذلك إلا ببينة. قال أشهب: فإن زعمت أن الطالب عالم بالإكراه وكان ممن يظن به العلم كجار وقريب حلف فإن نكل حلفت وبرئت. انظر ابن عرفة وأبا الحسن فإن صح المريض من مرضه لزمه ما تكفل به مطلقاً ثلثاً أو أكثر تكفل لوارثه أو غيره كما يلزمه ما بتله في مرضه من صدقة ونحوها إلا لقرينة تدل على أنه أراد بها الوصية. اللخمي: فإن رجع عن الكفالة بعد أن صح وقال: كنت أردت بها الوصية لم يقبل قوله: إذا كانت في عقد البيع أو القرض ويختلف إذا كانت بعده. اهـ. وظاهر النظم أنه ضمن في المرض وأما إن أقر في المرض أنه تكفل في الصحة فإنه لا يمضي في ثلث ولا في غيره قال فيها وما أقر به المريض أنه فعله في صحته من عتق أو كفالة أو حبس أو صدقة لوارث أو غيره فإقراره كله باطل ولا يجوز في ثلث ولا غيره. اهـ. فحملها الأكثر على ظاهرها وتأولها الأقل على أن ذلك إذا أقر في مرضه أنه تكفل في صحته بعد عقد بيع أو قرض لأنه معروف حينئذ كالصدقة والحبس لا إن أقر أنه تكفل في عقد البيع أو القرض فذلك لازم له لأنه أخرج به الملك من يد مالكه ودرج في الشامل على تأويل الأقل فقال: ولو أقر في مرضه أنه ضمن في صحته في أصل عقد بيع أو قرض لزم لا بعده. اهـ. وأما الزوجة إن تأيمت قبل الرد فيلزمها ذلك أيضاً، وانظر لو أقرت في حال التزوج أنها تكفلت في حال التأيم.تنبيهان:الأول: قال في الشامل ولو تكفل في مرضه ثم تداين ما يستغرق ماله سقطت الحمالة إن مات ولا يحاص بها ونحوه في المدونة. أبو الحسن: لأن الدين عن عوض والكفالة في المرض وصية من غير عوض وما كان عن عوض أولى بما كان عن غير عوض.الثاني: إذا ادعى على ذات الزوج بدعوى أكثر من ثلث مالها فنكلت عن اليمين فإن الطالب يحلف ويأخذ ولا كلام لزوجها ولا يكون نكولها كتبرعها كما في البرزلي. (وهو) أي الضمان أنواع مبهم كأنا حميل أو زعيم أو نحوهما. وقد تقدم وسيأتي أيضاً وضمان بمال وللحميل الرجوع به على المضمون إلى في حمالة الصداق أو الثمن في عقدي النكاح والبيع فلا رجوع له إن كان بلفظ الحميل أو صرح بعدم الرجوع كما أشار له (خ) بقوله: ولا يرجع أحد منهم إلا أن يصرح بالحمالة أو يكون بعد العقد إلخ. كما لا يفتقر لحيازة كما يأتي في النكاح وضمان بمال مترقب كانا حميل بما يثبت على فلان أو بما يوجبه الحكم عليه، وهي لازمة فيما ثبت على فلان بالبينة أو بإقرار المضمون قبل الضمان أو بعده وكان ملياً وإلاَّ فقولان، فإن قال: داينه وأنا حميل بما داينته به فللحميل الرجوع عن ذلك قبل المعاملة وإلا لزمه فيما يشبه أن يعامل به كما مر، وضمان بوجه، والمشهور لزوم الغرم إن لم يحضره ولم يشترط نفي المال وضمان طلب ويصح في كل شيء حتى فيما يتعلق بالأبدان من القصاص ونحوه، ومن هذا النوع ضمان الوجه الذي اشترط فيه نفي المال فقوله: (بوجه) صادق بالوجه المطلق وبالوجه الذي اشترط فيه نفي المال وبالطلب، لكن الحكم في الأول لزوم الغرم كما يأتي في قوله: وإن ضمان الوجه جاء مجملاً الخ، بخلاف الأخيرين فلا ضمان عليه إلا أن يفرا فيغرم المال ويؤدب في القصاص (خ) كانا حميل بطلبه أو اشترط نفي المال وطلبه بما يقوى عليه وحلف ما قصر وغرم إن فرط أو هربه وعوقب إلخ. وقوله: (أو بمال) صادق بالمبهم على القول بأنه يحمل على المال وهو ظاهر قول النظم الآتي: وهو بمال حيث لم يعين إلخ. وصادق بالمال الثابت والمترقب، وقد علمت تفصيله ومن المترقب أيضاً ضمان درك العيب والاستحقاق فيلزم الثمن للضامن من حين الدرك في غيبة البائع أو عدمه كما في المدونة (خ): ومثله ما يكتب اليوم في مستندات البيع: والتزم فلان لفلان أنه إن قام عليه قائم في هذا البيع فعليه نظير ما يغرمه فلان أو نحو ذلك. اهـ.تنبيه:إذا باع منه ضيعة إلى أجل وبعد مضي بعض الأجل ظهر منه خلاف ما كان يظهر عليه، وخشي صاحب الحق أنه إن بقي على حاله لا يجد عند الأجل قضاء فإن من حق البائع أخذه بوثيقة من رهن أو حميل أو يضرب القاضي على يديه في الضيعة ويشهد أنه منعه من التصرف ويظهر ذلك قاله اللخمي. قال البرزلي: هذا مثل ما قاله أبو عمران في الغريم يريد سفراً قبل الأجل أو ظهرت منه وجوه ريبة أنه يريد التغيب والهروب أو السفر إلى بلد لا تجري فيه الأحكام فإنه يتوثق منه قاله في نوازل البيوع، ونقله في المعيار في أواسط المعاوضات منه، وتأمل قول (خ) للغريم منع من أحاط الدين بماله من تبرعه وسفره إن حل بغيبته. (جار) خبر عن الضمير المنفصل والمجروران قبله يتعلقان به (والأخذ) مبتدأ (منه) خبر وضميره للمدين أي الأخذ كائن منه (أو) كائن (على الخيار) فهو معطوف على الخبر، وأو لتنويع الخلاف أي الأخذ كائن من المدين فقط على قول مالك المرجوع إليه وهو المشهور كما قال (خ) ولا يطالب الضامن به أي بالدين إن حضر الغريم بالبلد حال كونه موسراً تناله الأحكام غير ملد، وبه كان العمل قديماً كما في ابن مغيث وغيره أو كائن على خيار رب الدين إن شاء أخذه من الضامن أو المدين وهو قول مالك المرجوع عنه، وبه صدر ابن الحاجب وابن سلمون، وبه العمل الآن بفاس وما والاها قال ناظم عملها: الخ.قال اليزناسي: وعمل تلمسان وفاس ومراكش يتبع عمل الأندلس في هذه المسألة وغيرها لا عمل تونس ومصر. اهـ. ثم إن تبع أحدهما فلا رجوع له على الآخر إلا أن يعدم، وإذا رجع على الضامن فسجنه فللضامن أن يسجن المدين لأنه بالوجه الذي يقضي به على الضامن يقضي به على المدين، وهذا مما لا إشكال فيه، بل للحميل أن يطالب المدين بالأداء ليبرأ من الحمالة ولو لم يطلبه رب الدين خلافاً لما كان يفعله بعض جهلة قضاة الوقت من أن الضامن لا يمكن من طلب المدين حتى يؤدي ففي ابن سلمون: إذا كان الحق قبل شخصين وهما متضامنان فيه أيهما شاء صاحب الحق أخذه بحقه فإن أخذه من أحدهما فحبسه فأراد المحبوس أن يحبس صاحبه فله ذلك ويعمل به مثل ما يعمل صاحب الدين بالغريم قاله ابن القاسم في سماع عيسى بن رشد لأنه ضامن لصاحب الحق نصف الحق فإذا سجن كان له هو أن يسجن الآخر لما يجب له من الرجوع عليه. اهـ. وإذا كان هكذا فالمرجوع إليه الذي هو المشهور أقرب لأنه من باب قولهم:رأى الأمر يفضي إلى آخره.فصير آخره أول وتأمل قول (خ) في الشهادات: وللمقضى عليه مطالبتهما بالدفع للمقضى له وللمقضى له ذلك إذا تعذر من المقضى عليه.تنبيهان:الأول: محل ما مر أن وقع الضمان محملاً أما إن شرط في أصل الضمان تقديم الضامن أو المدين أو شرط الضامن أن لا يؤاخذ في حضور الدين أو يسره أو بعد موته ونحو ذلك فيعمل بالشرط قطعاً.الثاني: إذا اجتمع الرهن المفوض في بيعه والضامن فإن البداءة تكون بالرهن لا بالضامن على المشهور، لأنه بمنزلة حضور الضامن والمضمون إلا أن يكون في إثبات موجبات طول قاله في نوازل الخلع. وتأمل كيف يحتاج للإثبات مع كونه مفوضاً له في البيع فراجع ما مرّ عند قوله: وبجواز بيع محدود الأجل. إلخ. (ولا) نافية (اعتبار) اسمها (برضا) خبرها (من) موصول مضاف إليه (ضمنا) بالبناء للمفعول صلته (إذ) تعليلية (قد) للتحقيق (يؤدي) بالبناء للمفعول (دين) بالرفع نائب (من) موصول مضاف إليه (لا) نافية (أذنا) بفتح الهمزة وكسر الذال فعل ماض وفاعله ضمير يعود على من ومتعلقه محذوف أي في أدائه والجملة صلة والجملة من قد يؤدي إلخ. في محل خفض بإضافة إذ ومعناه أن الضمان لا يشترط فيه رضا المضمون، بل يصح ويلزم بغير إذنه لأنه يجوز أداء الدين عمن لم يأذن في أدائه عنه والضامن بصدد الأداء عنه فهو أحق منه ففي المدونة ومن ادعى على رجل حقاً أي مالاً فأنكره فقال له رجل: أنا بوجهه كفيل إلى غد فإن لم يوافك به إلى غد فأنا ضامن للمال فإن لم يأت به في غد لم يلزم الحميل بشيء حتى يثبت الحق ببينة. عياض: ظاهره أن إقرار المنكر لا يلزم الكفيل به شيء، وقيل إقراره كقيام البينة وهذا دليل للكتاب أيضاً. اهـ. وإليه أشار (ح) بقوله: أو قال لمدع على منكر إن لم آتك به لغد إلى قوله: إن لم يثبت حقه ببينة وهل بإقرار تأويلان، ووجه الدليل منه أن هذا منكر ومع ذلك صح الضمان عنه، وكذ نص فيها أيضاً على أن الرجل إذا قال: ما كان لك قبل فلان الذي تخاصمه فأنا به كفيل أو قال داينه وأنا بما داينته به كفيل فإنه ضامن لما ثبت عليه بالبينة في ذلك كله ويختلف في الإقرار كالتي قبلها، لكن الخلاف الذي ذكره عياض في الإقرار خلاف قول ابن رشد كما في ابن عرفة لو قال لي على فلان حق فقال رجل: أنا به كفيل لم تلزمه الكفالة فيما أقر به المطلوب قولاً واحداً. اهـ. فانظره فإن الاتفاق وإن لم يصح لا أقل أن يكون مشهوراً وفي معناه في الإقرار بعد الكفالة لا قبلها فتلزم كما في أبي الحسن عن ابن المواز، وقيد ابن يونس ما كان بعدها بما إذا كان المطلوب معسراً وإلا فتلزم، وهذا بخلاف ما لو قال رجل: لي على فلان ألف دينار فقال له شخص: أنا بها كفيل فإن الكفالة تلزم بإقرار المطلوب اتفاقاً كما قاله ابن رشد أيضاً: فهذه المسألة تخالف المسائل التي قبلها ولعله لما فيها من بيان العدد، واعترض ابن عرفة التفرقة بينهما فانظره فإن لم تكن بينة ولا إقرار وقد تكفل له بما عليه وادعى أن له عليه ألف درهم مثلاً وأن الكفيل عالم بذلك حلف الكفيل على علمه فإن نكل حلف الطالب واستحق كما في شفعة المدونة وابن يونس ثم لا يرجع الكفيل على الغريم بما غرمه بنكوله إلا أن يقر الغريم فإن لم يقر فللكفيل أن يحلفه فإن نكل غرم، وكذا إن قال: احلف أن ما تدعيه قبل فلان حق وأنا ضامن به وفلان حاضر ساكت أو غائب فإنه يلزمه ضمان ما حلف عليه أقر به المطلوب أم لا في هذه وليس له أن يرجع عن الضمان قبل الحلف، ثم إذا غرم الضامن فلا رجوع له على المطلوب إلا ببينة أو إقرار وللكفيل أن يحلف ثم يحلفه عند عدمها فإن نكل غرم. ابن رشد: أثر ما مر عنه من الاتفاق، وإنما اختلف فيمن قال: أنا كفيل لفلان بألف دينار له على فلان على ثلاثة أقوال: أحدها لابن القاسم اللزوم وإن أنكر المطلوب، وثالثها إن كان عديماً وعلى الأول لا يلزم المطلوب غرم للحميل إلا ببينة بالحق يعني أو بإقرار، وله أن يحلفه كالتي قبلها وإنما لزمه الضمان في هذه مع الإنكار على قول ابن القاسم وهو المعتمد، لأن الكفيل معترف بالكفالة شاهد بالدين فألغى ابن القاسم شهادته وأجازها مالك في رواية أشهب. وقال ابن المواز: إن كان ملياً جاز وإلاَّ فلا. وقد استفيد من ذلك كله أن رضا المضمون لا يشترط في لزوم الضمان لكن رضاه له فائدة، وهو أن الضامن إذا غرم تمكن من الرجوع على المضمون لأن رضاه إقرار بالحق بخلاف ما إذا لم يرض فلا رجوع عليه حيث لا بينة، وحلف أنه لا حق عليه وقد يموت ويحلف وارثه على العلم ويتفرع على ذلك أيضاً أن الضامن إذا أدى الحق لربه وطلبه برسم الدَّين ليتمكن من الرجوع به على المدين وادعى ربه أن الدين كان بلا رسم أو تلف فمن تضمنت وثيقة الضمان رضا المضمون عنه فهي قائمة مقام رسم الدين، وإلاَّ رد الطالب ما أخذه من الضامن إن حلف له أنه لا يعلم بذلك الحق كما مرّ ويتفرع عليه أيضاً أن الضمان إذا كان بإذن المضمون فللضامن مطالبة المدين بأدائه إن حل ليبرأ من ضمانه، وإن لم يكن بإذنه فليس له مطالبته إلا بعد أدائه قاله في الكافي والمفيد كما في ابن رحال لكن ظاهره ما في شراح (ح) وهو ظاهر ما في السلم، الثاني: إن للكفيل طلبه بذلك ضمنه بإذنه أو بغير إذنه لأن الضامن حيث قصد بضمانه الرفق بالمضمون فلا فرق في ذلك بين الإذن وعدمه، ولو قصد الضرر لم يجز كما يأتي، وعلل في المدونة لزوم الضمان بغير الإذن بأن الضمان معروف وهو لازم لمن أوجبه على نفسه. أبو الحسن: إذا أشهد به على نفسه كما قاله هنا وفي كتاب المديان. اهـ. وعليه فالصيغ المتقدمة إنم تلزمه الكفالة بها إذا قال: اشهدوا أني كفيل ونحو ذلك وهو قول ابن سلمون إنما تصح الوكالة إذا أشهد بها الموكل ولعله لأنه لا يعلم منه الإيجاب على نفسه إلا بإشهاد أو قرينة تدل على أنه قصد إليه وإن لم يصرح به كإتيانه بموثقين ويقول لهم: إني كفيل إلخ. وتأمل قول (خ) ولم يشهد على حاكم قال: ثبت عندي إلا بإشهاد، وبه تعلم ما في (ح) أوائل مسائل الالتزام من أن ذلك الإشهاد ليس شرطاً في اللزوم، وإنما خرج مخرج الغالب إلخ. لأن أبا الحسن جعله شرطاً كما رأيته فقول الناظم: ولا اعتبار إلخ. هذا بالنسبة لصحة الضمان ولزومه لا بالنسبة للرجوع فظهرت فائدة قول الموثقين بإذنه ورضاه وأن ذلك لمجرد الاحتياط والخروج من الخلاف هذا ما يتعلق بالشطر الأول، وأما الثاني فساقه الناظم دليلاً للأول وإنما كان دليلاً لأن الأداء أشد من الضمان لأن الضامن لم يحصل منه أداء وإنما هو بصدده، فإذا جاز الأداء بغير رضاه جاز الضمان بالأحرى. قال فيها: ومن أدى عن رجل حقاً بغير أمره فله أن يرجع به عليه، وكذلك من تكفل عن صبي بحق قضى به عليه فأداه عنه بغير أمر وليه فله أن يرجع في مال الصبي. اهـ. لكن بشرط أن يقصد بالأداء في هذه وبالضمان في الأولى الرفق بالمدين أو المضمون لا إعناته والضرر به ولا التبرع عليه وإلاَّ فيرد كما أفاده (خ) بقوله وصح بغير إذنه كأدائه رفقاً لا إعناتاً فيرد كشرائه الخ فقوله: رفقاً راجع للضمان والأداء كما في (ز) قال أبو الحسن: والضرر من أفعال القلوب لا يعلم إلا بإقراره أو بقرائن تدل الشهود عليه. قلت: وهو ظاهر إذا كان الإقرار قبل الضمان والأداء أو عندهما لا إن كان بعدهما فإن تنازعا في أنه دفعه عنه محتسباً فالقول للدافع لأن الأصل عدم خروج ملكه إلا على الوجه الذي يقصده إلا أن تقوم بينة على كذب الدافع كأدائه عن الميت المفلس، ثم طرأ له مال لم يعلم به وطلب الرجوع فلا شيء له انظر (ح) عند قوله على الميت المفلس إلخ. (ويسقط) مضارع سقط (الضمان) فاعله (في فساد) يتعلق بيسقط (أصل) مضاف إليه (الذي) مضاف بعد مضاف وهو على حذف الموصوف أي أصل العقد الذي (الضمان) مبتدأ (فيه) يتعلق بالخبر الذي هو قوله (باد) أي ظاهر، والجملة صلة الذي والضمير المجرور هو الرابط ومعناه أن المعاملة إذا كانت فاسدة بما قارنها من علل الفساد كبيعها وقت نداء الجمعة أو بقيمتها أو على حكمه أو حكم غيره أو رضاه أو دنانير بدراهم إلى أجل وأخذ منه كفيلاً فإن الكفالة ساقطة كانت في العقد أو بعده فلا مفهوم لقوله فيه، وإنما نص على محل الخلاف لأنها بعد العقد ساقطة اتفاقاً وظاهره فات البيع أم لا. ولا يكون حميلاً بالقيمة وهو قول ابن القاسم في المدونة والعتبية والموازية. ورواه عن مالك وقاله ابن عبد الحكم. ابن يونس: ووجهه أن المعاملة لما فسدت كان ما سمياه من الثمن الذي وقعت به الحمالة غير لازم فسقط عنه بسقوطه في أصل الشراء وعلى هذا درج (خ) حيث قال: وبطل إن فسد متحمل به إلخ. وقيل تثبت الكفالة إذا فات البيع وعلى الكفيل الأقل من الثمن أو القيمة. اللخمي: وهذا إذا كان المشتري والحميل يجهلان فساد ذلك وإن كانا يعلمان أو يعلمه المشتري لم تلزم الحمالة وإن كان الحميل يعلم ولا يعلم المشتري لزمه ذلك لأنه غره اه بنقل أبي الحسن. وهذا التفصيل هو الذي عول عليه ابن سلمون وصاحب الطرر والجزيري والوثائق المجموعة والمتيطية ولفظ اختصارها، ولا تجوز الحمالة إلا في المعاملة الجائزة، وأما الفاسدة فالحمالة فيها ساقطة إذا علم الطالب بفسادها فإن لم يعلم لزم الحميل الحمالة بالقيمة قاله ابن القاسم ومالك في المدونة، وعليه فيقيد النظم ولفظ (خ) بذلك، وقد تقدم أن الرهن في البيع الفاسد يبقى رهناً بالقيمة، وقد علمت أن كلاًّ من الرهن والحميل أخذ للتوثق ومن صور الفاسد ما في المدونة عن ابن القاسم أن المبتاع إذا شرط على البائع خلاص السلعة إن استحقت وأخذ منه بذلك كفيلاً بطل البيع والكفالة كمن باع ما ليس له وشرط خلاصه، وقال غيره: تلزمه الكفالة لأنه أدخل المشتري في غرم ماله فعليه الأقل من قيمة السلعة يوم مستحق أو الثمن إلا أن يكون الغريم حاضراً ملياً فيبرأ. وقوله: يوم تستحق أو يوم القبض كما في أبي الحسن اللخمي، وقول ابن القاسم أقيس لأن تخليص السلعة ليس إليه وقد تحمل بما لا يقدر عليه من الوفاء به والثمن والقيمة لا يقع عليه حمالة والاستحسان قول الغير لتغليب أحد الضررين، فيلزمه الثمن أو القيمة إن كان أقل. اهـ. عياض: ولو لم تستحق وفات رد البيع لزمت القيمة للمشتري ولا شيء على الحميل اتفاقاً من ابن القاسم والغير لأنه إنما ضمن تخليصها من الاستحقاق، وهذه لم تستحق. اهـ. وقد علم من نصها المتقدم أن ما يفعله بعض الإشراك من بيع جميع الأرض المشتركة ويشترط للمبتاع أنه إن قام عليه بعض الإشراك فهو الذي يرضيه بالثمن أو بمعاوضة في أرضه الأخرى فاسد لا يجوز لأن ذلك من بيع ما ليس عنده فهو نوع من الخلاص المذكور، وكذا لو باع له الأرض المشتركة على أنه إن قام الشريك وأخذ حظه عاوضه في أرض أخرى كيلاً أو بغير كيل لم يجز كانت الأرض التي يعاوضه فيها معينة أو غير معينة لأن المبتاع لا يدري أي الأرضين اشترى، وكذا إن كان الملك له وحده وباعه على أنه إن استحق من يده عاوضه في أرض أخرى معينة أم لا. فإن التزم له بذلك بعد العقد، فالبيع جائز والشرط باطل قاله أبو الضياء مصباح حسبما في المعيار، وفي المتيطية: فإن تبايعا على أن الأرض إن لم تف بذلك وفاه من أرض معينة لم يجز أيضاً لأنه لا يدري ما تنقصه من الكيل ولا كم يأخذه من تلك الأرض ولا كم يترك منها وذلك كله غرر. اهـ. وكذا نقل في الدر النثير عن الأخوين أن القوم إذا اصطلحوا في مواريث بينهم وكان بعضهم غائباً فيضمن الحاضرون رضا الغائبين إن كرهوا الصلح أن ذلك لا يجوز ويفسخ الصلح وذلك لأن الورثة صالحوا بما دفعوا وبما يرضون به الغائب وهو مجهول.تنبيه:من هذا النمط إذا وقعت المباراة بين الزوج وزوجته على أن ضمن الأب أو غيره ما يلحق الزوج من درك فثبتت عليها ولاية أو غيرها مما يسقط الالتزام لزم ذلك للضامن وقضى به عليه قاله ابن العطار. وأنكر ابن الفخار قوله هذا وقال: إذا سقط الالتزام عن المضمون بثبوت ضرر سقط عن الضامن إذ لم يرتبط بذمتها حق لأنه قد ثبت ما يسقطه عنها، وكذلك الضامن لأنه إنما ضمن ما ظنه لازماً للمضمون عنها وإذا سقط الأصل فالفرع أولى بالسقوط. اهـ. قال (ح) وكأن ابن الفخار أنكر عموم قوله أو غيرها فأخرج من ذلك ثبوت الضرر وبقي ما عداه ويقيد بما في النوادر عن عبد الملك من أنك إذا بعت من مولى عليه وأخذت حميلاً بالثمن فرد ذلك السلطان وأسقطه عن المولى عليه، فإن جهلت أنت والحميل حاله لزمت الحمالة لأنه أدخلك فيما لو شئت كشفته وإن دخلت في ذلك بعلم سقطت الحمالة علم الحميل أم لا لبطلان أصلها. اهـ. وانظر ترجمة الخلع من ابن سلمون وأوائل المعيار والفائق في موضعين، والذي يتحصل من كلامهم إنه إذا ثبت الضرر وقامت به المرأة أو أحد بسببها فلا رجوع على الحميل. ابن سراج: وهو الصحيح الفائق وهو المعتمد المفيد وبه العمل، أبو الحسن عن ابن سهل: وهو الذي يأتي على قول ابن القاسم ومقابله يأتي على قول الغير فإن ماتت وقام وارثها بالضرر فلا رجوع له على الحميل قاله في الفائق وظاهره اتفاقاً، وأما إذا ثبت سفهها فيرجع على الحميل إذا لم يعلم المضمون له بسفهها كما تقدم عن النوادر، وأما إن ثبت عدمها فالذي اقتصر عليه في اختصار المتيطية الرجوع على الضامن وهو الجاري على القواعد، وإن كان ابن سلمون حكى في ذلك قولين فهي ثلاثة أقسام تارة يثبت الضرر وتارة يثبت السفه وتارة العدم، وقد علمت الراجح في كل منها قاله أبو العباس الملوي.قلت: نقله (ح) عن عبد الملك بن الماجشون خلاف مذهب ابن القاسم وأصبغ من أن الحمالة لازمة في التحمل بالثمن عن البكر والسفيه، سواء علم الحميل والمضمون له بالسفه أو جهلا أو علم الحميل دون المضمون له اتفاقاً في الأخير وخلافاً لابن الماجشون في الأولين قاله في المتيطية عن بعض الشيوخ. ومراده به ابن رشد قال أصبغ: ويغرم الضامن الثمن ويسقط عن السفيه. ابن رشد، وقول ابن الماجشون بسقوطها في الأولين بعيد فإن علم المضمون عنه دون الحميل سقطت باتفاق قال أصبغ: وهذا إذا تحمل بما يدركه من قبله فإن قال: أنا ضامن ما يدركك من السفيه في الشراء منه لم تلزم لأنه لم يدركه من السفيه فيما اشتراه منه بسفه، وإنما أدركه بسببه إلا أن يكون السفيه هو القائم بذلك عن نفسه فحسنت حاله فقام بذلك عنه قائم ووافقه، فإن الضامن يكون ضامناً لأنه أدركه منه وإلاَّ فلأن ابن رشد وتفرقة أصبغ بين التحمل بما يدركه منه أو من قبله بين على ما تقتضيه الألفاظ انتهى باختصار. وهذا كله واضح إذا كان الضامن ضمن ذلك على أنه إن أدى شيئاً رجع به على المضمون كما هو ظاهر كلامهم المتقدم، وكما هي قاعدة الضمان في درك العيب والاستحقاق وغيرهما كما يأتي للناظم وغيره، وأما إن كان ضمن ذلك على أنه لا يرجع به إن أداه وهو ما يقصده الناس كثيراً فلا معنى لسقوط ذلك، وقد قال في المدونة: من قال لرجل طلق امرأتك ولك علي ألف درهم ففعل فالألف لازم له، وكذا إن قال له: بع سلعتك من فلان وعلي ثمنها كما في الالتزامات وغيرها فمن حجة الزوج أن يقول: لولا التحمل لرفعت الضرر عنها وأمسكتها إذ لا يطلق عليه بالضرر إلا إذا لم يرجع عنه كما يأتي. ومن حجة البائع أن يقول: لولا تحملك ما بعت من السفيه لعلمي بأنه لا يلزمه، ويؤيد هذا ما يأتي عند قول الناظم: وللأب الصلح عن المحجور إلخ. من أن الأب إذا تحمل بما حطه في الصلح فإن للولد الرجوع عليه في عدم المدين إذ لو كان تحمل الأب بمعنى الرجوع بما أدى لم يتأت للولد رجوع عليه في عدم المدين، فالتحمل مع علمهما بالسفه لا يكون إلا على وجه الحمل في الغالب، وهذا هو الذي يقصده الناس. ابن العطار: إذ لا تجد أحداً في الغالب يتحمل بالخلع أو يدرك المحجور إلا على وجه الحمل لا الحمالة، فالذي لابن الفخار إنما هو في الخلع المؤجل على المرأة يعطي به حميلاً أو في الخلع المدفوع تعطي حميلاً بدركه على أنها إن رجعت به رجع الزوج على الحميل فيرجع عليها، وهذا لا يقصد الناس إليه، وإنما يقصدون أنه إن حصل ما يخشاه الزوج من الرجوع عليه فالحميل يؤديه من ماله الخاص من غير رجوع به على أحد، ولا إشكال في لزوم هذا ولو أثبت الضرر والله أعلم. وتأمل قولهم في الوعد إذا كان على سبب ودخل الموعود في ذلك فهو لازم على المشهور وتأمل ما تقدم عن أصبغ في التحمل بالدرك منه لأنه اشترى منها المال بالعصمة ومما يشبه ما نحن فيه أو هو عينه قول (خ) ولا يرجع أحد منهم إلا أن يصرح بالحمالة أو يكون بعد العقد. اهـ. (وهو) مبتدأ (بما عين) بالبناء للفاعل صلة ما والباء بمعنى في والمجرور يتعلق بالخبر الذي هو قوله (للمعين) بكسر الياء وتشديدها اسم فاعل، والتقدير وهو أي الضمان لازم للمعين فيما عينه فيه من وجه أو مال (وهو) مبتدأ (بمال) خبره (حيث) ظرف خافض لشرطه منصوب بجوابه (لم يعين) بكسر الياء المشددة مبني للفاعل والجملة في محل جر بإضافة حيث وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه، ومعناه أن الضامن إذا بين ما تحمل به من وجه أو مال أو طلب لزمه ما تحمل به كما مرّ في قوله: وهو بوجه أو بمال جار إلخ. وإن لم يبين في اللفظ شيئاً بأن قال: أنا حميل لك به أو زعيم أو هو لك عندي أو علي أو إلي فإن هذه الألفاظ تحتمل الوجه والمال كما في أبي الحسن أي لك عندي ماله أو وجهه أو إلي أو علي ماله أو وجهه فإن لم ينو بذلك وجهاً ولا مالاً لزمه المال على ما به العمل كما في الفشتالي، وقد تبين بهذا أن الحمالة المبهمة هي التي تجردت عن النية وأما إن نوى شيئاً فيلزمه ما نواه، وبهذا قرر أبو الحسن المدونة وهو مذهب الأكثر كما مرّ أول الباب وعليه فقول الناظم: لم يعين أي لم ينو شيئاً وهذا بعيد من اللفظ، والظاهر أنه درج على ما لابن يونس ومن معه من أنه إذا أبهم فلا يصدق في إرادة الوجه كما مر، وعليه فقوله لم يعين أي أبهم ولم يعين بلفظ ولا قرينة، وأما مجرد النية فلا يصدق فيها فإن قال: أنا حميل بفلان فهو ظاهر في حمالة الوجه كما لأبي الحسن فإن تنازعا فقال الحميل: شرطت الوجه، وقال الآخر: شرطت المال ولا بينة فالقول للكفيل لأن الآخر يريد إشغال ذمته ولأن الحمالة معروف لا يلزم منها إلا ما أقرّ به كما في ابن يونس.تنبيه:من المعين بالمال ولا إشكال قوله في الوثيقة: إن لم يحضره إلى أجل كذا فهو مؤاخذ بما يثبته عليه بالوجه الشرعي فيلزمه ما ثبت إن لم يأت به ويختلف في الإقرار على نحو ما مرّ عند قوله: ولا اعتبار برضا من ضمنا إلخ. بخلاف ما لو قال: إن لم أحضره لك غداً، فالذي تدعيه علي وإن لم يثبت حق أو قال لخصمه: إن لم أحضر مجلس القاضي معك غداً أو إن لم آت بالبينة أو بمستندي فدعواي باطلة أو دعوى خصمي حق، أو إن لم أوفك حقك في وقت كذا فلك عندي كذا زيادة على الحق أو إن لم آتك بالثوب ونحوه في آخر أيام الخيار فالبيع لازم، فإنه لا يلزمه شيء من ذلك وينقض الحكم إن وقع الحكم بذلك بخلاف ما لو قال: إن أخلفتك عند القاضي فكراء دابتك علي فإنه يلزمه كراؤها لأنه أدخله في غرم كراء الدابة بوعده قاله في الالتزامات، وبخلاف ما لو قال لزوجته: إن لم أوف لك في وقت كذا أو إن لم أحضر معك في مجلس القاضي في وقت كذا فأمرك بيدك فإنه يلزمه، وكذا إن قال لها إن لم أرسل لك النفقة في وقت كذا فأمرك بيدك كما في (ق) في فصل التمليك. ووقعت نازلة وهي أن رجلاً طالبه خصمه بإبراز رسوم حوانيت زاعماً أنها له وأن بائعها للرجل باع ما لا يملك فقال الرجل: إن لم آت برسوم ملك بائعي فخذ حوانيتك ثم عجز عن رسوم بائعه فأفتى العميري ومعاصروه بأنه لا يلزمه ما التزمه لأنها مخاطرة محتجين بما مر عن الالتزامات، وأما إن وقعت فتنة وحروب بين قريتين مثلاً فخاف كل منهما على أنفسهم وأموالهم فتضامنوا فيما بينهم على أن ما تأخذه إحدى القريتين للأخرى يؤديه أهلها لما رجوه في ذلك من التوطين فقال الغبريني كما في البرزلي: إن التضامن غير لازم لأنهم مكرهون بالخوف المذكور. البرزلي: مفهومه لو كانوا غير مكرهين للزم كقوله كلما بايعت فلاناً فأنا ضامن به. اهـ. ونحوه للعبدوسي فيمن قال لرجل: امض معي إلى الموضع الفلاني وجميع ما يصيبك من قبيل كذا في ضماني فسار معه فأخذه أهل القبيل المذكور أن الضمان لازم له.قلت: وفي أجوبة القوري أنه لا ضمان عليه في هذه الصورة ونحوه في أواخر الوديعة والعارية من المعيار عن القابسي فيمن قال: أخاف إن حركت الرحى غرمني السلطان فقال له الآخر: حركها وما كان من السلطان علي فحركها فغرمه السلطان أنه لا شيء على الضامن اه باختصار. ولكن ما للبرزلي والعبدوسي أقوى وأرجح بدليل ما مر عن (ح) في كراء الدابة، وبدليل ما احتج به البرزلي من كون ذلك بمنزلة من قال: كلما بايعت فلاناً إلخ. (وإن) شرط (ضمان الوجه) فاعل بفعل محذوف يفسره (جاء) وقوله: (مجملاً) حال من فاعل جاء (فالحكم) مبتدأ والفاء رابطة بين الشرط والجواب (أن) بفتح الهمزة واسمها ضمير محذوف يعود على الضامن (المال) مفعول بقوله: (قد تحملا) ويجوز أن يكون المال اسم إن وجملة قد تحملا خبرها، والرابط بين اسمها وخبرها محذوف أي تحمله، وإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر أي فالحكم تحمله للمال قال في المدونة: وأما أن تكفل برجل أو بنفسه أو بعينه أو بوجهه إلى أجل ولم يذكر مالاً أي لم يتعرض له بنفي ولا إثبات فإنه إذا أتي بالرجل عند الأجل ملياً أو معدماً برئ فإن لم يأت به حينئذ والغريم حاضر أو غائب قريب الغيبة مثل اليوم وشبهه تلوم السلطان للحميل، فإن أتى به بعد التلوم فلا شيء عليه وإلاَّ غرم، وأن بعدت غيبة المكفول به غرم الحميل مكانه. اهـ. (خ) وصح بالوجه وبرئ بتسليمه به وإن بسجن أو تسليمه نفسه إن أمره به إن حل الحق وبغير مجلس الحكم إن لم يشترطه وبغير بلده إن كان به حاكم ولو عديماً وإلاَّ غرم بعد خفيف تلوم إلخ. وانظر ما يأتي عند قوله: ويبرأ الحميل للوجه متى إلخ. ومفهوم قوله مجملاً أنه إذا لم يكن مجملاً بل شرط نفي المال، أو قال لا أضمن إلا وجهه لا يلزمه غرم إلا إذا لم يأت به وهو كذلك كما في المدونة إثر ما مرّ لأنه حينئذ من ضمان الطلب وهو لا ضمان عليه إلا أن يفرط (خ) وطلبه بما يقوى عليه وحلف ما قصر وغرم إن فرط أو هربه وعوقب. (وجائز) خبر مقدم (ضمان) مبتدأ أو فاعل أغنى على مذهب من لا يشترط الاعتماد (ما) مضاف إليه واقعة على الدين (تأجلا) صلة أو صفة (معجلاً) حال من ما، وظاهر قوله معجلاً أنه لا فرق بين أن يضمنه على الحلول أو لدون الأجل فإذا كان لرجل على شخص دين مؤجل فأسقط المدين حقه من التأجيل وضمنه شخص حينئذ على الحلول أو لدون الأجل فإنه جائز لازم كما في المدونة وظاهرها كالنظم كان الدين مما يعجل أم لا. واختاره ابن عبد السلام. والمعتمد تقييد ابن يونس وإن محل ذلك إذا كان الدين مما يعجل كالعين مطلقاً أو عرضاً أو طعاماً من قرض فإن كان من بيع لم يجز لما فيه من حط الضمان عني في المدة الباقية وأزيدك توثقاً، ولا مفهزم لقوله ضمان، بل الرهن كذلك في التفصيل المذكور ومفهوم معجلاً أنه إن ضمنه أو رهنه قبل الأجل إلى أجله جاز مطلقاً بدون القيد المذكور وإن ضمنه أو رهنه لأبعد فيمتنع مطلقاً كما في المدونة لأن التأخير سلف، وقد انتفع بالحميل أو الرهن في مدة الأجل الأول فيكون سلفاً جر نفعاً فالصور أربع وتبطل الكفالة في الممنوع منها، وكذا الرهن وإن قبضه قبل المانع. (وعاجل) بالجر عطفاً على ما أي وجائز ضمان أو رهن عاجل أي حال (مؤجلا) لأنه إن كان المدين موسراً فهو كابتداء سلف بضامن أو رهن وهو جائز اتفاقاً وإن كان معسراً ويوسر عند الأجل أو بعده، فكذلك أيضاً لأنه في هاتين الأخيرتين، وإن انتفع بالضمان ونحوه فليس هناك سلف لوجوب إنظار المعسر، فهذه ثلاث صور إطلاق الجواز فيها صحيح، والرابعة أن يكون معسراً الآن فيضمنه إلى أجل كأربعة أشهر مثلاً عادته أن يوسر بعد شهرين منها بالغلات التي تأتيه من أحباس عليه وعلى عقبه أو بخروج العطاء من عند الأمير ونحو ذلك فيمتنع على الأصح لأن الزمان المتأخر عن يساره يعد صاحب الحق فيه مسلفاً، وقد امتنع عليه بالحميل أو الرهن في زمن العسر لأن المدين قد يموت في زمن العسر، فيأخذ الحق من الكفيل ونحوه، وهذا على أن اليسار المترقب كالمحقق لأنهما حينئذ يكونان قد دخلا على السيف، وأجاز أشهب هذه الصورة أيضاً بناء على أن الأصل استصحاب العسر ويسره قد لا يكون وهو ظاهر النظم، وقد علمت أن الناظم أخل بقيد في الأولى وبقيد في الثانية على المعتمد فيهما، ولقد وفى (خ) بالقيدين حيث قال عاطفاً على الجواز والمؤجل حالاً إن كان مما يعجل، وعكسه إن أيسر غريمه أو لم يوسر في الأجل الخ فلو قال: لوفى بذلك، وقولي إن لا يرقب إلخ. صادق بما إذا كان موسراً أو معسراً ولا يترقب يسره كما مرّ ولازم: صفة لمحذوف أي ودين لازم قبوله معجلاً قبل أجله سائغ ضمانه على الحلول، فإن كانت عليه مائتان مثلاً مائة موسر بها ومائة معسر بها وقد حلتا معاً صح الضمان مؤجلاً بالمائة الموسر بها فقط أو المعسر بها فقط لا بالجميع أو ببعض من هذه وبعض من هذه، لأنه سلف بنفع إذ تأخيره بالمائة الموسر بها سلف وانتفع بالضامن أو الرهن في المعسر بها. (وما) نافية (على الحميل) خبر مقدم (غرم) مبتدأ (ما) موصول مضاف إليه (حمل) بالبناء للفاعل صلة (أن) شرط (مات مضمون) فعل وفاعل وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه (ولم يحن) من حان يحين إذا حضر حينه أي حل (أجل) فاعل، والجملة حال من فاعل مات ومعناه أن المضمون عنه إن مات قبل الأجل عديماً فلا غرم على الحميل حتى يحل الأجل، فإن مات ملياً قبل الحلول فإن الدين يؤخذ من تركته ويبرأ الضامن، فإن كان الذي مات قبل الأجل هو الضامن فلرب الدين أن يعجل الحق من تركته، وله أن يحاصص غرماءه إن لم يترك وفاءه ثم لا رجوع لورثته على الغريم إلا بعد الأجل، وإلى هذه والتي في النظم أشار (خ) بقوله: وعجل بموت الضامن ورجع وارثه بعد أجله أو الغريم إن تركه أي الدين، ومفهوم قوله: ولم يحن إلخ. أن المضمون إن مات بعد الحلول ولم يترك وفاء غرم الحميل حينئذ ولا يؤخر إلاَّ برضا المضمون له. وكلام المصنف في ضامن المال، وأما ضامن الوجه فسيأتي في قوله: ويبرأ الحميل للوجه إلخ. (ويأخذ الضامن) فاعل بما قبله (من مضمونه) يتعلق بيأخذ (ثابت) مفعول بيأخذ (ما) نكرة موصوفة واقعة على الدين وصفتها ثابت المضاف إليها من إضافة الصفة للموصوف وقوله: (أداه) فعل ماض قصد به خصوص الحدث فهو في تأويل مصدر فاعل بتلك الصفة وضميره البارز هو الرابط بين الصفة والموصوف، لأن الفعل إذا قصد به مجرد الحدث أو قدرت معه أن المصدرية صح تسلط العوامل عليه كقولهم: تسمع بالمعيدي، وسمعتك تقول أي سماعك بالمعيدي، وسمعت قولك كذا قال النحاة: (من ديونه) بيان لما، وإذا جعلت البيان محل المبين والفعل في تأويل المصدر كما قلنا كان التقدير ويأخذ الضامن من مضمونه ديناً ثابتاً أداؤه عنه ببينة أو إقرار رب الدين، وفهم من قوله: ثابت أن إقرار المدين لا يوجب الرجوع وهو كذلك لأن إقرار المدين لا يسقط به الدين مع جحد الطالب ومن حجته أن يقول: لم تحصل لي براءة بدفعك وأنت أتلفت مالك بعدم الإشهاد ولا إشكال في هذا إن كان الدفع بغير حضرته فإن كان بحضرته فقولان، أظهرهما عند ابن رشد كما في الشامل أنه لا يرجع أيضاً عليه لأن المال للضامن فهو أحق بالإشهاد على دفعه وفهم من قوله: أداه أن الضامن دفع مال نفسه أما إن دفع الغريم مالاً للحميل ليدفعه للطالب فدفعه له بغير إشهاد فأنكر الطالب وحلف فإن الضامن يغرمه إن كان الدفع بغير حضرة الغريم فإن كان بحضرته غرمه الغريم فإن وجد الغريم عديماً أو كان غائباً والموضوع بحاله غرمه الحميل ولا يرجع به على المطلوب في الوجهين لعلمه ببراءته فيهما، وكذا إن دفعه المطلوب نفسه من ماله بحضرة الحميل فأخذ منه ثانياً لعدم المطلوب أو غيبته لا يرجع به لعلمه بالبراءة وفهم من قوله: ما أداه أيضاً أنه لا يرجع عليه بعين ما أداه بل بمثله لأن الذي أداه هو بيد الطالب ويرجع بمثله على المطلوب ولو مقوماً على المشهور لأنه كالمسلف (خ): ورجع بما أدى ولو مقوماً إن ثبت الدفع إلخ. وعليه فقول الناظم ثابت على حذف مضاف أي مثل دين ثابت أداؤه كما مرّ، وقيل: يرجع في المقوم () بقيمته والخلاف ما لم يشتره فإن اشتراه رجع بثمنه اتفاقاً ما لم يجاب وإلاَّ فلا يرجع بالزيادة.تنبيهان:الأول: إذا أدى الضامن الحق في غيبة المدين بعد الأجل فقدم المدين وأثبت الأداء أيضاً بعد الأجل، فإن سبق الضامن بالأداء رجع على المدين لأنه دفع بحق ويرجع المدين على الطالب، وإن سبق المدين بالأداء فلا يرجع الحميل عليه، بل على الطالب، وإن جهل السابق فيرجع الحميل على الطالب أيضاً بعد حلف المدين أنه دفع قبله إلا أن يكون الحميل دفعه بالقضاء فيرجع على المدين فإن نكل المدين حلف الحميل وأغرمه فإن نكل فلا شيء عليه قاله ابن عرفة عن الموازية.الثاني: ما تقدم من أن الضامن يرجع بمثل المقوم هو إحدى المسائل التي يضمن فيها المقوم بالمثل. ثانيها جزاء الصيد، وثالثها شاة الزكاة إذا أتلف المالك الغنم بعد الحول لزمه إحضار ما وجب فيها لا قيمته. ورابعها الحيوان والعرض المقترض، وخامسها من هدم وقفاً ألزم إعادته كما كان لئلا يؤدي أخذ القيمة إلى بيع الوقف ويجمعها قول القائل: لكن المشهور كما في ابن عرفة في مسألة هدم الوقف وجوب القيمة انظر شرح الشامل. (والشاهد) مبتدأ (العدل) نعت له (لقائم) يتعلق بالمبتدأ (بحق) يتعلق بقائم (إعطاء) مبتدأ ثان (مطلوب) مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله (به) يتعلق بإعطاء على أنه مفعول ثان له وضميره للشاهد وباؤه للسببية، ويحتمل أن يعود على الحق (الضامن) مفعول أول بإعطاء (حق) خبر المبتدأ الثاني والثاني وخبره خبر الأول والرابط الضمير في به، ومعناه أن الشاهد إذا شهد لشخص بدين على آخر فأعطاه المطلوب ضامناً بذلك الحق واجب احتياطاً لأن الحكم قرب توجهه أما بشاهد ثان أو باليمين، وظاهره وجوب الضامن بالمال بدليل البيت بعده وهو ظاهر المدونة، وصرح به في الشامل وعليه درج (خ) في الشهادات حيث قال: ومن استمهل لدفع بينة أمهل بالاجتهاد كحساب وشبهه بكفيل بالمال كأن أراد إقامة ثان إلخ. والذي صرح به في المفيد كما في ابن رحال وهو ظاهر (خ) في الضمان حيث قال: ولم يجب وكيل للخصومة ولا كفيل بالوجه بالدعوى إلا بشاهد إلخ. وإن العمل على الضامن بالوجه مع الشاهد وهو قول سحنون ومفهوم قوله: الشاهد العدل أنه إذا شهد له بالحق شاهدان أو أقر المطلوب فإنه يجب الضامن بالمال قطعاً فإن لم يقدر على الضامن وأتى برهن فيكفيه ويؤجل في أداء الدين بقدر قلة المال وكثرته باجتهاد الحاكم على ما به العمل كما لابن رشد، ودرج عليه ناظم عمل فاس حيث قال: وسيأتي للناظم: وسلعة المديان رهناً تجعل إلخ.. وفي ابن سهل عن ابن عتاب: إذا كانت له أصول مأمونة وسأل تأخيراً حتى يبيعها فإنه يلزمه حميل بالمال كان ذا أصول أو لم يكن وبه العمل قال: ويلزمه الحميل ولو كان بيد الطالب رهن حتى ينصفه وهو مذهب الشيوخ. اهـ. وعليه عول (خ) إذ قال: وأجل لبيع عرضه إن أعطى حميلاً بالمال إلخ. وهذا مخالف لما قبله من أنه يكتفي منه بالرهن، وبالجملة فالمدين يكفيه الضامن أو الرهن على ما به العمل، فإن عجز عنهما فيسجن لأن السجن حميل من لا حميل له كما في البرزلي، فإن انقضى الأجل ولم يؤد فإن الرهن يباع بالخيار ثلاثاً. وعن سحنون فيمن وجب عليه غرم فقال: هذا ربعي لا أجد من يشتريه إنه لا حميل عليه بوجه ولا بمال. قال: فإن زعم الطالب أنه يقول للمشتري لا تشتريه فإن الحاكم يشيده ويستقصي ثم يبيع بالخيار. اهـ. وبمثله أفتى ابن مالك وأن المطلوب إذا كان معروف العين ظاهر الملاء بين الوفر لم يلزمه حميل. كذا في ابن سهل، وفي الطرر أن ابن مالك أفتى بحميل الوجه وعليه فالأقوال ثلاثة: حميل بالمال وهو ما لابن عتاب والأكثر وبالوجه وهو ما لابن مالك ولا حميل أصلاً وهو ما لسحنون. ومفهوم الشاهد العدل أنه إذا لم يكن إلا مجرد الدعوى لم يجب ضامن بالمال كما قال: (وضامن الوجه) مبتدأ ومضاف إليه (على من أنكرا) خبر وأنكر صلة والرابط الضمير المستتر فيه (دعوى) مفعول (امرئ) مضاف إليه (خشية) مفعول لأجله (أن) بفتح الهمزة (لا يحضرا) صلة لأن وهي وما بعدها في تأويل مصدر مضاف إليه ما قبله. (من بعد) يتعلق بمحذوف على أنه حال من الاستقرار في الخبر (تأجيل) مضاف إليه (لهذا المدعي) يتعلق بتأجيل (بقدر) يتعلق به أيضاً (ما) موصولة واقعة على الأجل (استحق) بفتح التاء مبنياً للفاعل وضميره المستتر للمدعي صلتها والرابط محذوف (فيما) يتعلق بما قبله يليه وما واقعة على الإثبات وجملة (يدعي) صلة والرابط محذوف، ومعناه أن ضامن الوجه واجب على من أنكر الدعوى المجردة حيث سأل الطالب منه ذلك الضامن خشية عدم حضوره عند الإتيان ببينته التي تشهد على عين المطلوب بالحق حال كون الوجوب كائناً بعد التأجيل للمدعي بقدر الأجل الذي يستحقه في الإثبات الذي يدعيه من كونه يقدر ما يسعه لإقامة البينة ولا ضرر فيه على المطلوب، ويمكن أن تكون لفظ بقدر مقحمة وما واقعة على المفعول المطلق الذي هو الأجل أي بعد التأجيل للمدعي الأجل الذي فيه يستحقه إلخ. وهذا أظهر معنى فإن لم يجد ضامناً فقال ابن القاسم: يقال للخصم لازمه بنفسك أو وكيلك ولا يسجن لك وهو معنى قوله: (وقيل إن لم يلف) بضم الياء وكسر الفاء مبنياً للفاعل (من) مفعول بيلف مضارع ألفى بمعنى وجد (يضمنه) صلة من (للخصم) يتعلق بقيل (لازمه) أمر محكي بقيل (ولا يسجنه) بضم الجيم وفتح الياء معطوف على قيل وجواب الشرط محذوف للدلالة عليه، وقال أشهب: إن لم يلف من يضمن وجهه فإنه يسجن وهو المراد بقوله: (وأشهب) مبتدأ وصرفه للضرورة (بضامن الوجه) يتعلق بقوله (قضى) وكذا (عليه) وهذا لا يظهر فيه أثر الخلاف لاتفاقهما على القضاء عليه بضامن الوجه، وإنما يظهر أثره في السجن عند العجز عنه، ولذا قال: (حتماً) نعت لمصدر محذوف أي قضاه حتماً أي لازماً بحيث إذا لم يجده سجن (وبقوله) خبر (القضا) مبتدأ وما ذكره ظاهر في الديون لأنه يريد إقامة البينة على عينه كما مرّ وكذا في الأصول فيما يظهر فيعطي كل منهما ضامناً بوجهه لصاحبه لئلا تطول الدعوى عليه. ولا يقال: إذا تغيب في الأصول يحكم عليه في غيبته ويجري على ما مرّ في قوله: ومن ألد في الخصام وانتهج إلخ. لأنا نقول كل منهما يريد أن يقطع شغب صاحبه، وهو إذا تغيب قبل إتمام حججه كما هنا لا ينقطع شغبه ولاسيما إن كان مجلوباً من البادية للحاضرة، وهذا هو ما يحكم به القضاة اليوم ولم أقف فيه على نص صريح سوى ما لم في شرح اللامية عند قولها: وإن يرد المطلوب دفعاً إلخ. من أن النزاع في الأصول لا يحتاج فيه لضامن لأمنها، لكنه لم يجزم به على أن تعليله بالأمن لايطابق ما هنا من أن المراد خشية عدم الحضور ثم وقفت على (ز) عند قول المصنف: وإن تنازع قادرون فبينهم. فوجدته صرح بنحو ما قلناه، وظاهر النظم أيضاً أنه لا فرق بين قرب البينة وبعدها قال ابن رحال: وبه العمل ولم أقف على هذا العمل لغيره وهو خلاف المنقول من أنه إنما يسجن إن ادعى بينة قريبة وحلف على ذلك وإلاَّ بأن لم يحلف أو بعدت البينة لم يسجن بل يحلف المطلوب في البعيدة ويسرح وللطالب القيام ببينته إن قدمت، وليس في النظم ما يشعر بالقيدين، وقد استوفى في اللامية الكلام على المسألة حيث قال: فيمين الطالب شرط في سجن المطلوب في القريبة في تحليفه في البعيدة، وظاهره أن التسمية شرط فيهما أيضاً وأنه إذا لم يسم البينة فلا يسجنه ولا يحلفه، لكن تسميتهم في القريبة غير منصوصة فيجب إخراجها من كلامه، وإذا سماهم ولم يشهدوا أو لم يكونوا عدولاً فلا شيء له وذلك لأنه أراد استحلاف المطلوب مع بقائه على حجته، فلا يمكن من ذلك إلا على هذا الوجه، وهذه المسألة تخصص عموم ما تقدم من أنه إذا حلفه ووجد بينة لم يعلمها أو نسيها فله القيام بها أي: ما لم يكن حلفه لبعد بينته وسماها كما هنا، وتأمل ما في اللامية مع ما في حاشية ابن رحال هنا من أن الذي به العمل في البعيدة تحليف الطالب أن له بينة ويسجن له المطلوب وإلا تسقط بينة الطالب في البعيدة على قول من لا يرى حبسه، وأنه يحلف ويسرح. اهـ. فهو مخالف لما في اللامية من وجهين، أحدهما: أن الطالب إذا حلف سجن المطلوب إن لم يأت بكفيل لا أنه يحلف فقط، وثانيهما أن بينة الطالب لا تسقط وظاهره ولو سماها وما في اللامية أصله في المدونة في الشهادات منها. قال فيها والقرب اليومان والثلاثة، وهذا إن لم يدع الطالب بينة حاضرة بكالسوق أو ببعض القبائل القريبة وإلاَّ وقف الحاكم المطلوب عنده مقدراً ما يأتي بها، فإن جاء وإلا خلى سبيله. ابن فتوح: إنما كان له أن يحلف المطلوب على أن يقوم ببينته إن قدمت لأنها بموضع بعيد ويسمى البينة. ابن عرفة: ويعين الموضع خوف أن يعتقد فيما ليس بعيداً أنه بعيد والخوف في المسافة يصير القصير بعيداً. اهـ. أبو الحسن: عند قولها ولو استحلفه تاركاً لها الخ، ما نصه: ولو أحلفه ولم يرفعه إلى السلطان وله بينة بعيدة الغيبة فله القيام إذا قدمت لأنه لو رفع أمره إلى الحاكم لكان هو الذي يفعل وذلك بخلاف ما لو صالح المطلوب لبعد غيبة البينة لأنه قد رضي بما أخذ فلا قيام له.تنبيهان:الأول: قال ابن رشد في نوازله، ونقله ابن عات في طرره: أنه يجب على القاضي أن يعلم الطالب بوجوب الحميل له إن كان مثله يجهل ذلك، وكذا يجب عليه أن يعلم الحميل بتأخير المطلوب إن حكم القاضي بالتأخير بعد الحلول. انظر المديان من البرزلي.الثاني: ما جرى به العمل هو إحدى المسائل التي خالف فيها أهل الأندلس ابن القاسم. وثانيها أنهم لا يوجبون الحميل بالحق إلا بالعدلين وهو ما تقدم قريباً في قوله: والشاهد العدل به الضامن إلخ. وثالثها من أنكر شيئاً ثم أقرَّ به وأقام بينة بالبراءة لم تنفعه وتقدمت للناظم في قوله: لأنه كذبهم في الأول وبمنزلة من أنكر وديعة ثم أقر بها وأقام بينة بالدفع، ورابعها الشفعة فيما لا ينقسم وستأتي للناظم حيث قال: والفرن والحمام والرحى انقضا إلخ. وأوجبوها أيضاً في الأموال الموظفة، وهو قول أشهب. وخامسها: أنهم جعلوا الشيء المستحق يدخل في ضمان المستحق وتكون له الغلة، وهو قول مالك في الموطأ. وعليه اقتصر الناظم في فصل التوقيف. وسادسها: من غاب عن زوجته فحاله في مغيبه حال خروجه في العسر واليسر قاله ابن نافع. ودرج الناظم في هذه النفقات على المقابل حيث قال: فحالة القدوم لابن القاسم إلخ. وكذا قال (خ) اعتبر حال قدومه. وسابعها: أنهم أوجبوا القسامة مع شهادة غير العدول من اللفيف، وسيأتي قول الناظم ومالك فيما رواه أشهب، وقوله أيضاً: أو بكثير من لفيف الشهدا، وتقدم قوله: ولا اللفيف في القسامة اعتمد إلخ. وثامنها: أنهم لم يجيزوا الشهادة على خط الشاهد إلا في الأحباس المعقبة إذا اقترن بها السماع الفاشي، ودرج الناظم على مقابله حيث قال: وخط عدل مات أو غاب اكتفى إلخ. وتاسعها: أنهم تركوا تحلية المشهود عليه وصفته في العقود، ولعل هذا مع وجود المعرف وإلاَّ فقد تقدم أنه إذا لم تكن معرفة ولا تعريف لابد من التحلية، وتأمل قول (خ) وميز فيه ما يتميز به من اسم وحرفة وغيرهما إلخ. وعاشرها: أنهم لم يجيزوا للوصي أن ينظر على أولاد محجوره إلا بتقديم مستأنف، وسيأتي للناظم: ونظر الوصي في المشهور إلخ. وأنهم أجازوا لبس الحرير في الغزو وأنهم راعوا الكفاءة في النكاح في الحال والمآل وسيأتي قول الناظم: فمع كفء بصداق المثل إلخ. وأن ما التزمته المالكة نفسها في الخلع من نفقة ابنها بعد الحولين لازم لها وهو قول المخزومي، وسيأتي للناظم في الخلع وأنه لا يلزم الإخدام إلا في ذات المال، وعليه درج (خ) بقوله: وإخدام أهله وهو قول ابن الماجشون وأنهم أجازوا الأجرة على تعليم النحو والشعر وهو قول ابن حبيب. وأجازوا بيع كتب الفقه وهو قول أكثر أصحاب مالك، ودرج على ذلك (خ) بقوله وبيع كتبه، وأجازوا أفعال السفيه الذي لم يول عليه (خ) وأفعاله قبل الحجر محمولة على الإجازة عند مالك وسيأتي قول الناظم: وفعل ذو السفه رد كله. وعليه العمل الآن وأنهم أجازوا التفاضل في المزارعة إذا سلما من كراء الأرض بما يخرج منها لأنها كراء لا شركة قاله ابن دينار، والمعتمد خلافه (خ) وقابلها مساوٍ إلخ. وهو ظاهر النظم فيما يأتي وأن المزارعة لا تنعقد عندهم إلا بالشروع في العمل قاله ابن كنانة. وعليه عول (خ) ودرج الناظم على مقابله حيث قال: ولزمت بالعقد كالإجار إلخ. وهو الذي شهره في الشامل، وأما المسائل التي خالفوا فيها مذهب مالك رحمه الله تعالى فهي ستة أن لا يكتفي باليمين مع الشاهد لظاهر القرآن، وأن لا يحكموا بالخلطة وهو مذهب الليث، وأجازوا كراء الأرض بالجزء مما يخرج منها كالمساقاة والقراض وهو مذهب الليث أيضاً، وأجازوا غرس الأشجار في المساجد وهو مذهب الأوزاعي، وقالوا برفع المؤذن صوته في أول الأذان بالتكبيرة وجعلوا في الغنيمة للفارس سهمين وهو قول أبي حنيفة، لكن القول بعدم الخلطة هو لابن نافع فهو في المذهب، وكذلك القول بأن للفارس سهمين كما في (خ) وعليه فالأنسب ذكر هذين في المسائل قبله، وإنما احتاجوا لبيان هذه المسائل لقولهم المعول عليه في الفتيا قول ابن القاسم، لاسيما إن كان في المدونة. وانظر الركن الثاني من أركان القضاء من التبصرة أن من قال القول قول ابن القاسم عند الاختلاف ليس بشيء. (ويبرأ الحميل) فعل وفاعل (بالوجه) يتعلق بالحميل (متى) اسم شرط (أحضر) فعل الشرط (مضموناً) مفعول به (لخصم) يتعلق بأحضر (ميتا) صفة لمضمون وجواب الشرط محذوف للدلالة عليه، قال فيها: وإذا مات الغريم برئ حميل الوجه لأن النفس المكفولة قد ذهبت. ابن ناجي: ظاهرها مات في البلد أو في غيبة قربت الغيبة أو بعدت وهو كذلك. اهـ. وعلى هذا درج (خ) حيث قال في باب الضمان: إلا أن أثبت عدمه أو موته في غيبته ولو في غير بلده إلخ. وهذا هو المذهب وعليه فلا مفهوم لقوله أحضر، ولا لقوله ميتاً لأن المدار على إثبات الموت أو العدم خلاف ما درج عليه (خ) في باب الفلس حيث قال: وحبس لثبوت عسره إن جهل حاله ولم يسئل الصبر له بحميل بوجهه فيغرم إن لم يأت به، ولو أثبت عدمه أو موته في غيبة إلخ. وأحرى أن يبرأ إذا أحضره في السجن أو مريضاً كما مرّ عند قوله: وإن ضمان الوجه جاء مجملاً إلخ. وظاهر هذا أنه يبرأ ولو أحضره له في حرم يتعذر إخراجه منه وهو كذلك لأن القاضي يبعث إليه إما أن يخرج أو يوكل وإما أن يحكم عليه فإن توقف الحكم على إحضار ذاته أخرج من الحرم فهو حينئذ بمنزلة المسلم في السجن، ولهذا قال ناظم العمل: وظاهر النظم أنه يبرأ بإحضاره ميتاً ولو بعد الحكم عليه بالغرم، وليس كذلك بل إذا أحضر حياً أو ميتاً بعد الحكم عليه بالغرامة لا يبرأ وصار غريماً ثانياً بسبب الحكم عليه فيخير الطالب في اتباع أيهما شاء قاله ابن يونس، فإن غرم الحميل المال ثم أثبت أن الغريم مات قبل الحكم رجع على رب الدين بما أخذ منه كما في المدونة لتبين خطأ الحكم كما أنه إذا أثبت عدمه أي أثبت الآن أنه عند حلول الأجل عديم فإنه يبرأ ولو حكم عليه بالغرم، فإنه ينقض لتبين خطئه، وأما لو مات حميل الوجه فالحمالة لا تسقط على المشهور وطلب وارثه بإحضار غريمه إن حل دينه، وإلاَّ أخذ من تركته قدر الدين ووقف على يد عدل حتى يحل الأجل إن لم يكن وارثه مأموناً وإلا وقف في ذمته قاله اللخمي. (وأخروا) فعل وفاعل (السائل) مفعول (للإرجاء) أي التأخير يتعلق بالسائل (كاليوم) يتعلق بإرجاء (عند الحكم) يتعلق بالسائل (بالأداء) يتعلق بالحكم. (إن) شرط (جاء) فعله (في الحال) يتعلق به وكذا قوله (بضامن) وجواب الشرط محذوف للدلالة عليه (وإن) شرط (لم يأت) فعله (بالحميل) يتعلق بيأت (بالمال) يتعلق بالحميل (سجن) بالبناء للمفعول جواب الشرط وظاهره أنه لابد من الحميل بالمال سواء كان معلوم الملاء أو ظاهره أو مجهول الحال وهو كذلك لأنه لما سأل التأخير اليوم ونحوه ظهرت قدرته على المال كما في المبسوط فلا يقبل منه حميل إلا به ومحل ذلك في معلوم الملاء إن لم يعرف بالناض وإلاَّ لم يؤخر (خ) وإن وعد بالقضاء وسأل تأخيراً كاليوم ونحوه أعطى حميلاً بالمال وإلاَّ سجن كمعلوم الملاء وأجل لبيع عرضه وإن أعطي حميلاً بالمال، وفي حلفه على عدم الناض تردد وإن علم بالناض لم يؤخر إلخ. والرهن كالحميل على ما به العمل كما مرّ قريباً عند قوله: والشاهد العدل إلخ. وأدخلت الكاف اليومين فقط على ما في شراح المتن ولمالك في المبسوط يؤخر المليء ثلاثاً وأربعاً وخمساً والتعليل بظهور قدرته على المال الخ، لا يقتضي أنه إذا سأل التأخير اليوم ونحوه ثم ادعى العدم لا يقبل قوله: وتبطل به بينته لأن غايته أن يكون بمثابة من صالح رجلاً على دين بنقد حال ثم ادعى العدم فإنه يتبع اليوم ونحوه في ذمته وليس صلحه يكذب قوله ولا يبطل بينته بالعدم لأنه يقول: كنت أرجو سلفاً أو هبة من بعض أهلي أو أقاربي ونحو ذلك قاله في الطرر، وهذا بخلاف ما لو أقر المدين عند المعاملة أو بعدها بالملاء، ففي ابن فتوح إن كتب الموثقين أن المديان مليء بالحق الذي كتب عليه حسن، فإن ادعى عدماً لم يصدق وإن قامت له به بينة لأنه كذبها ونحوه في المتيطية قائلاً وبه العمل، وفي الفشتالي والمعيار إن عدم قبول البينة بالعدم ممن اعترف بالملاء هو المشهور والمعمول به ويسجن أبداً حتى يؤدي دينه أو تبيض عيناه ما لم تقم بينة بطرو آفة أذهبت ماله بسرقة أو نهب أو إحراق.تنبيه:من معلوم الملاء ما ذكره البرزلي في امرأة تفالست فقال لها غريمها: لك مال في محل كذا آخذه وأسقطت عنك من الدين ثلاثين ديناراً وجدت شيئاً أو لم أجده فلجت في الإنكار وأبت أن تسعفه لما طلب فقال أيوب بن سليمان: لا شيء أدل على لدد هذه المرأة من أن يدعوها غريمها إلى ما قال فتأبى إلا الجحد فيجب حبسها أبداً حتى يكون أحد ثلاثة أوجه: إما أن يكتب إلى رجل ثقة من تلك الناحية ليبحث عنها، وإما أن تجيب إلى دفع المال، وإما أن يكشف عن باطنها أهل المعرفة في الناحية التي ذكرها الطالب. اهـ.
|